طارق الحداد : 395 مليون دولار حجم سوق الأمن السيبراني في مصر بحلول عام 2029
دولت هاشم: الهاكرز يمتلكون قدرات مالية تمكنهم من تطوير أدواتهم، ولابد من تطوير إدارات التكنولوجيا بالشركات لمواجهة الهجمات
أصبح الإعلان عن تعرض شركة أو مؤسسة لهجمة إلكترونية أمرًا طبيعيًا في الوقت الحالي، بعد تزايد معدلات الهجمات الإلكترونية بحسب التقارير العالمية. وتُعتبر مصر من بين أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط التي تتعرض لهجمات إلكترونية، وبحسب الخبراء، فإنه كلما كانت هناك خطط للتحول الرقمي، زادت المخاوف من التعرض لهجمات إلكترونية، وهو ما يحدث في الحالة المصرية.
وبحسب الإحصائيات، فإن هناك جهاز كمبيوتر متصل بالإنترنت يتعرض لهجمة إلكترونية كل 39 ثانية، فيما قالت أبحاث كاسبرسكي إن هناك زيادة بمعدل 130% في معدل الهجمات الإلكترونية خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، كما أشارت إلى أن القطاع الحكومي والبنوك وقطاع البترول من أبرز القطاعات المعرضة للهجمات الإلكترونية.
تقرير دولي: مصر المرتبة الثانية على مستوى القارة الإفريقية من حيث عدد الهجمات السيبرانية
وفقًا لتقارير شركة Positive Technologies. بين عامي 2022 و2024، زاد عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بمقدار 6.3 مليون مستخدم، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 82 مليون مستخدم. كما حظيت جهود مصر في مجال الأمن السيبراني باعتراف دولي، حيث صنفها الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ضمن أفضل 12 دولة في مؤشر الأمن السيبراني العالمي لعام 2023–2024. ومع ذلك، فقد أدت وتيرة الرقمنة المتسارعة إلى زيادة المخاطر السيبرانية؛ إذ تحتل مصر المرتبة الثانية على مستوى القارة الإفريقية من حيث عدد الهجمات السيبرانية، مسؤولةً عن 13% من الحوادث المسجلة بالقارة،
وقال مصدر مسؤول بقطاع البترول إن القطاع يُعد من أهم القطاعات المعرضة لوقوع هجمات إلكترونية، مشيرًا إلى أن شركات القطاع تتعرض يوميًا لمحاولات اختراق للبيانات، ولكن يتم التصدي لها فعليًا، أو أن بعض الشركات التي تمتلك برامج متطورة تستطيع التنبؤ بوقوع هجمات، وبالتالي تكون لديها أنظمة للتصدي لها قبل وقوعها.
وحول مدى تعرض شركات فعليًا لعمليات استيلاء على البيانات، قال إن إحدى شركات القطاع المتخصصة في مجال الخدمات البترولية تعرضت فعليًا لهجمة إلكترونية (رافضًا تحديد اسمها)، واكتفى بالقول إنها متخصصة في مجال الخدمات البترولية، ولديها كم كبير من البيانات الخاصة بالعملاء، ولكن تم استرجاع البيانات بعد الاستعانة بالخبراء المتخصصين في المجال.
ورغم ما تعرضت له الشركة من خطورة، فإنها كانت خطوة نحو اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتأمين بيانات الشركة، مع تكثيف عمليات التدريب، خاصة للعاملين في الشركة بصفة خاصة، والقطاع بصفة عامة، للتعريف بأفضل أساليب تأمين البيانات وعدم الوقوع ضحية لهجمة إلكترونية، خاصة أن العنصر البشري يُعتبر من أهم نقاط الضعف لدى المؤسسات، وبالتالي تحتاج إلى تدريبهم على ضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية عند التعامل مع أجهزة الشركات وحتى الأجهزة الشخصية.
وقال: "طالما أنك متصل بالإنترنت، فتأكد أنك معرض للوقوع ضحية لأي هجمة إلكترونية أو محاولة اختراق لأجهزتك بهدف الحصول على معلوماتك، التي تساوي الكثير من الأموال".
*نفط البيانات*
من جانبها، قالت الدكتورة دولت هاشم، خبيرة التحول الرقمي بشركة "إم سي إس"، إن قطاع البترول يُعد أحد أهم القطاعات في الدولة المصرية، ولابد أن يحظى بدرجات عالية من الحماية المعلوماتية لما يتضمنه من معلومات ثرية.
وأشارت هاشم في تصريحات خاصة لـ"بروفيشنال إيكونومي" إلى أن التكنولوجيا تلعب دورًا هامًا في إدارة وتشغيل قطاع البترول، وبالتالي تأتي أهمية الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة أيضًا في حماية بيانات القطاع.
وتابعت: "لم تعد التكنولوجيا رفاهية، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا، ومع تطور التكنولوجيا كل لحظة، بات واجبًا على القطاع متابعة كل جديد فيما يتعلق بتأمين البيانات والمعلومات والأنظمة داخل قطاع البترول".
وفيما يتعلق بنوعية الهجمات الإلكترونية التي يتعرض لها القطاع، قالت: "إن قطاع البترول يتعلق بالأمن القومي، وبالتالي فإن تأمينه يعني تأمين احتياجات الدولة"، مشيرة إلى أن البيانات داخل قطاع البترول هامة، ولهذا يتعرض دومًا لهجمات وصفتها بـ"القوية"، ولهذا يحتاج إلى أنظمة دفاع أقوى.
وحول معدل الإنفاق على حماية البيانات داخل القطاع، أوضحت أنه لا يوجد معدل ثابت، ولكن تأمين البيانات يتطلب الاستعانة بصفة مستمرة بالشركات المتخصصة لإجراء اختبارات على الأنظمة وتحديد الثغرات إذا وجدت، ويتم إجراء التحديثات اللازمة لحماية القطاع، وبالتالي لابد من إجراء هذه المتابعات بصفة مستمرة.
وفيما يتعلق بإدارات التكنولوجيا داخل الشركات، قالت إن الشركات الكبيرة عادةً ما يكون بها إدارة متخصصة للتكنولوجيا وحماية البيانات، ولكن هذا لا يعني الاستغناء عن الخبرات الخارجية من شركات متخصصة، خاصة أن "الهاكرز" يمتلكون قدرات متطورة وإمكانيات مادية كبيرة نتيجة الأموال التي يحصلون عليها من الهجمات السيبرانية على الشركات، وبالتالي لديهم قدرات قوية على التطوير.
*الانفاق التكنولوجي*
وأوضحت أن هناك تباينًا في معدل إنفاق الشركات ما بين القطاع العام والخاص والمشترك داخل القطاع على أنظمة الحماية، ولكن عادةً ما تكون أسباب عدم الإنفاق الكافي على الحماية إما لأسباب مادية أو لعدم وعي كافٍ لدى إدارة الشركة بأهمية حماية البيانات.
وفيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في حماية البيانات، أكدت أن هذا هو المستقبل، خاصة مع تزايد الاعتماد عليه في الإدارة والتشغيل، موضحة أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في عمليات التشغيل يحتاج إلى تأمينات قوية للبيانات أيضًا.
وحول التخلي في وقت ما عن العنصر البشري في تأمين البيانات، قالت إنه لا يمكن أن يحدث ذلك، ولكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل من لا يواكب المستقبل ولا يعمل على تطوير قدراته، داعية إلى ضرورة التركيز خلال الفترة المقبلة على تبادل الخبرات من خلال المؤتمرات التي تستضيف خبراء دوليين متخصصين في تأمين البيانات.
وفيما يتعلق بنقص الكوادر البشرية، أوضحت أن هذا النقص تعاني منه جميع الدول، وليس مصر فقط، خاصة مع التزايد المفاجئ في الطلب على العاملين بقطاع الأمن السيبراني، في ظل تزايد الهجمات التي تتعرض لها كافة الدول الآن.
ومن جانبه، شدد المهندس طارق الحداد رئيس مجلس إدارة شركة MHE وخبير الأمن السيبراني على ضرورة الاهتمام بالانفاق على عمليات التأمين خاصة مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يمر به العالم ، مشيرا أن حجم سوق الأمن السيبراني في مصر بلغ حوالي 216.96 مليون دولار عام 2024، ومن المتوقع وصوله إلى 395.12 مليون دولار بحلول 2029.
أضاف لم يعد الأمن السيبراني مجرد خيار أو ترف، بل أصبح ضرورة استراتيجية تفرضها طبيعة العصر الرقمي، حيث تتطور التهديدات بوتيرة تسبق الابتكارات نفسها. ولذلك يجب أن تأخذ الشركات والمؤسسات حذرها من اي عمليات تصيد او هجوم إلكتروني مرتقب.
Copyright @2020 PPR. All Rights Reserved by