الجمعة 20 ,سبتمبر ,2024
Close ad

احذر .. "جرائم الإنترنت"

رشـــا غانـــم / الثلاثاء 21 ,مايو ,2024
-  التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية تجاوزت 11 تريليون دولار خلال العام الماضي.
-  مواقع التسوق الإلكتروني أشهر أهداف مجرمي الفضاء الإلكتروني.
-  جرائم التزييف العميق تشمل إنشاء رسائل صوتية وصور مزيفة.
-  الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في مصر  تستهدف التصدي للحوادث السيبرانية.
-  سرقة المعلومات المالية هي أكثر التكتيكات استخدامًا خلال عمليات القرصنة الإلكترونية.

لم تقتصر علاقة بعض الناس بالإنترنت على مجرد الإطلاع على المحتوى، ومواكبة العصر، إنما امتدت أيضا إلى عالم الجريمة، حيث باتت محاكم الجنايات والأسرة، تنظر في جرائم شتى تتعلق بالشبكة العنكبوتية، وسوء استخدامها من قبل البعض، تارة في السب والقذف وأخرى في النصب والاحتيال، ناهيك عن السطو على الحسابات البنكية والتهديدات بالقتل، وبدا لافتًا للنظر في الفترة الأخيرة، أن غالبية مرتكبي تلك الجرائم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 35 عامًا، وذلك لعدم إدراكهم لخطورة أفعالهم غير المشروعة، وجهلهم بوجود قوانين خاصة تجرّم تلك الأفعال، ناهيك عن نوعية أخرى من الجرائم السيبرانية التي يقدم عليها هاكرز من أماكن متفرقة من العالم بهدف الإضرار بأمن المعلومات لشركة أو ابتزاز  وقرصنة الحسابات المالية للأشخاص والمؤسسات.  

تستهدف الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في مصر والتي كشف عنها المجلس الأعلى للأمن السيبراني، التابع لمجلس الوزراء، نقطتين أساسيتين، أولهما التصدي للحوادث السيبرانية التي تزايدت من حيث العدد والمصدر، وثانيهما خلق فرص للسوق المصرية عن طريق بناء كوادر بشرية وإقامة صناعة وطنية تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.

وترجع أهمية الأمن السيبراني بالأساس إلى طبيعة الفضاء السيبراني على تعدد سماته وخصائصه. فهو عالم موازي للواقع المعاش، وهو أيضًا فيض رقمي من المعلومات، بل ووسيط من خلال أجهزة الكمبيوتر وشبكات الاتصال، وعليه، يتسم الفضاء السيبراني بغياب الحواجز المكانية والزمانية، وضرورة وجود هيكل مادي من أجهزة الكمبيوتر وخطوط الاتصالات، وعدم تقيد الهجمات السيبرانية بالحدود الجغرافية، وصعوبة الكشف عن كثير من التهديدات السيبرانية قبل وقوعها، و فداحة الأضرار المترتبة على تلك التهديدات حال وقوعها.

سرقة البيانات

تذخر ملفات أجهزة الأمن ودور القضاء الآن بالعديد من قضايا الجريمة الإلكترونية، منها واقعة قيام أحد الأشخاص بالدخول على الموقع الإلكتروني "لإحدى شركات التجارة الإلكترونية"، شراء منتجات عبر مواقع التسوق الإلكتروني خارج البلاد، وخصم قيمتها من حساب بطاقة الدفع الإلكتروني لعدد من الأشخاص من أماكن متفرقة، وبالفحص تبين أن وراء ارتكاب تلك الواقعة شاب 25 سنة، استغل مهارته في استخدام برامج القرصنة الإلكترونية، وقام باختراق المواقع الإلكترونية المختلفة والاستيلاء على البريد الإلكتروني لمستخدميها، وإرسال رسائل خادعة على حساباتهم الإلكترونية، تفيد طلب تحديث بياناتهم البنكية، والاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني لبعض العملاء، ومن ثم قام باستخدامها في شراء بضائع ومنتجات من مواقع التسوق الإلكترونية بالخارج وشحنها للبلاد.

وهناك واقعة أخرى للاحتيال الإلكتروني، ارتكبها شاب 35 سنة، بحق صاحب شركة 53 سنة، حيث تمكن من الاستيلاء على 9آلاف دولار من حسابه الشخصي وكشفت التحقيقات أن المتهم أرسل إلى المجني عليه رسالة على بريده بها رابط هاكرز بدعوى أنه يريد عرض بعض المنتجات وتمكن من اختراق هاتفه الشخصي وسرقة بياناته، ثم عمل على مساومته وابتزازه، فأبلغ مباحث الأموال العامة التي ألقت القبض على المتهم بعد التحري عن جهاز الكمبيوتر الذي كان يتواصل من خلاله مع الضحية، كما ألقت أجهزة الأمن القبض على 3عاطليْن، كوّنا تشكيلا عصابيًا، للنصب على المواطنين والحصول على مبالغ مالية منهم، نظير بيع كروت شحن والأرقام السرية الخاصة بإحدى الألعاب المتداولة عبر مواقع الإنترنت، وتجاوزت المبالغ المُتحصل عليها 150 ألف جنيه خلال 50 يومًا فقط.  

القتل أون لاين

هناك نوعية أخرى من جرائم الإنترنت  لاتقتصر على طلب المال والاحتيال فقط وإنما تمتد للترويج للمخدرات والسلاح والدعارة ولجرائم القتل أيضًا وتصوير الجريمة وبثها مباشرة مقابل مبلغ مالي وهو مابات يعرف بـ"القتل أون لاين" ومؤخرًا تم العثور على جثة طفل 15 عامًا داخل شقة في شبرا الخيمة، وتبين من التحقيقات أن المتهم قام بتصوير نفسه لايف مع متهم آخر بالكويت وهو يقتل ويستخرج الأحشاء من الجثة ووضعها فى أكياس بجواره من أجل الحصول على مشاهدات أكثر بمواقع الدارك ويب.

كذلك تمتد جرائم الإنترنت إلى تشوية السمعة بغرض الانتقام  ومؤخرًا أدين طالب جامعي بنشر صور إباحية ومعلومات خاصة عن زميلته بنفس الجامعة على شبكة الإنترنت، وذلك بعد تراجعها عن الارتباط والزواج به، فقرر الانتقام منها واستغلال صورها الشخصية التي بحوزته، وذلك بتركيبها عبر الفوتوشوب على أجساد عارية، ووضعها على شبكة الإنترنت، مع معلومات عن حياتها الشخصية، كما أرسل هذه الصور والمعلومات إلي والدها عبر الإنترنت، وبعد أن لجأت الفتاة وأسرتها للشرطة تم القبض على المتهم.

أساليب القرصنة

تجاوز معدل تكرار الجرائم السيبرانية عالية الخطورة، والتي تنطوي على تدخل بشري مباشر، حادثتين يوميًا في عام 2023، وفقًا لفريق الاكتشاف والاستجابة المُدارة في كاسبرسكي، ففي أحدث تقرير لمحللي الاكتشاف والاستجابة المُدارة، لاحظ المحللون هذا الاتجاه في جميع الصناعات، حيث جاءت القطاعات المالية، وتكنولوجيا المعلومات، والقطاعات الحكومية، والصناعية في رأس القائمة، وبحسب التقرير، تم تسجيل 22.9% من إجمالي الحوادث عالية الخطورة المكتشفة ضمن القطاع الحكومي، فيما جاءت شركات تكنولوجيا المعلومات في المرتبة الثانية 15.4%، تليها مباشرة الشركات المالية والصناعية التي أبلغت عن 14.9% و11.8% من الحوادث على الترتيب، وأظهر المنتدى الاقتصادي العالمي أن العالم شهد في السنوات الأخيرة، ارتفاعًا في تقنية التزييف العميق، حيث زاد محتوى التزييف العميق عبر الإنترنت بنسبة 900%، التقرير الصادر تحت عنوان "آليات مكافحة الارتفاع المقلق في استخدام تقنية التزييف العميق في جرائم الإنترنت"، توقع أن هذا الاتجاه المقلق سيستمر في السنوات القادمة، حيث يتوقع بعض الباحثين أن "مايصل إلى 90% من المحتوى عبر الإنترنت قد يتم إنشاؤه صناعيًا بحلول عام 2026"، وتؤدي تقنية التزييف العميق إلى تآكل الثقة في التكنولوجيا الرقمية وتشكل تهديدًا متزايدًا للشركات، ومن أمثلة جرائم التزييف العميق إنشاء رسائل صوتية مزيفة من المديرين التنفيذيين أو غيرهم من المديرين التنفيذيين رفيعي المستوى في الشركات، وذلك باستخدام برنامج تعديل الصوت لانتحال صفتهم، وغالبا ماتحتوي هذه الرسائل الصوتية التي تم التلاعب بها على طلبات عاجلة للمستلم لتحويل الأموال أو الكشف عن معلومات حساسة.

التزييف العميق

تظهر الأبحاث أن القطاع المصرفي قلق بشكل خاص من هجمات التزييف العميق، حيث يشعر 92% من خبراء الأمن السيبراني بالقلق من إساءة استخدامه الاحتيالية، حيث تعتبر الخدمات المصرفية الشخصية والمدفوعات، مثيرة للقلق بشكل خاص، وكشفت دراسة صادرة عن مؤسسة "إف 5 نتوركس" للأبحاث عن سرقة البيانات المالية عبر شبكة الانترنت أن صفحات الدخول إلى مواقع التسوق الإلكتروني، باتت تشكل أهدافًا لمجرمي الفضاء الإلكتروني، الذين يسعون إلى الاستيلاء على المعلومات المالية الشخصية، ووفقًا للدراسة فإن عمليات سرقة المعلومات المالية، هي أكثر التكتيكات استخدامًا خلال عمليات القرصنة الإلكترونية. وتتمثل هذه الطريقة في استخلاص المعلومات المالية من متصفح الويب للشخص المُستهدَف، وتحويلها إلى موقع آخر تحت سيطرة المهاجم، وأشارت البيانات إلى أن أسلوب سرقة المعلومات المالية، اعتُمِد في 71% من عمليات الاحتيال التي تمت دراستها خلال العام 2023، كما شهدت عمليات الاحتيال من خلال سرقة المعلومات المالية تزايدًا مطردًا خلال العامين الماضيين. 

يأتي ذلك بينما ترتفع أعداد تطبيقات الويب التي يتم فيها تعهيد أجزاء حرجة من التعليمات البرمجية مثل؛ سلال التسوّق وصفحات الدفع ببطاقات الائتمان إلى جهات أخرى، كما أكدت دراسة البيانات المرتبطة بعمليات الاحتيال إلى أن 83% من هذه العمليات المسجلة في 2023، قد تمت من خلال هجمات لسرقة المعلومات المالية من نماذج الدفع الإلكتروني عبر الشبكة، أما بالنسبة للهجمات التي كانت ناجحة في تحقيق غرضها، فقد أظهر البحث أن 49% من هذه الهجمات استهدفت قطاع البيع بالتجزئة، يليه قطاع خدمات الأعمال بنسبة 14%، وأخيرًا قطاع التصنيع بنسبة 11%، وسلط البحث الضوء على عدة خطوات لحماية البيانات المالية لدى تصفح الإنترنت وهي: استحداث قائمة شاملة لتطبيقات الويب، ودوام إجراء عمليات التصحيح والصيانة، والتحقق من وجود ثغرات أمنية، ورصد حالات التغيير في التعليمات البرمجية، كما ينبغي اعتماد المصادقة متعددة العوامل على أي نظام متصل بمحتوى عالٍ القيمة، سيّما أن هجمات سرقة المعلومات المالية عادة ماتتجاوز حاجز المصادقة للوصول إلى التعليمات البرمجية لصفحات الويب الموجودة على الخادم، وكذلك استكشاف إمكانيات الأدوات البرمجية لأجهزة الخادم، وأخيرًا التحقق من أي نطاقات أو شهادات تم تسجيلها حديثًا، سيّما أنها عادة ماتستخدم لاستضافة نصوص خبيثة بينما يكون ظاهرًا للمستخدم طبيعيًا.  

وفي تقرير لشركة آي بي إم العالمية للتكنولوجيا أكد ارتفاع تكاليف الهجمات السيبرانية بنسبة 13% بين عامي 2020 و2022، بينما أفاد بأن 60% من المؤسسات زادت أسعار منتجاتها وخدماتها من جراء المخاطر التي تسببها الهجمات السيبرانية، مافرض أعباء إضافية على المستهلكين الذين يعانون بالفعل من أسعار سلع مرتفعة نتيجة التضخم وقضايا أخرى متعلقة بسلاسل التوريد، ويؤكد الدكتور أحمد عبد الحافظ، نائب رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لشئون الأمن السيبراني، أن هناك زيادة كبيرة في حجم الخسائر التي تتكبدها دول العالم من الهجمات السيبرانية، وأشار إلى أن التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية تجاوزت 11 تريليون دولار خلال العام الماضي.